البابُ الأولُ اللفظُ والكتابةُ العروضيّةُ
الدّرسُ الثّـامنُ
القاعدةُ الخامسةُ الإِشْــباعُ
وهو إطالةُ الحركةِ حتّى يتولّدَ منها حرفُ مدٍّ ولينٍ، فيتولّدُ من الفتحةِ ألفٌ، ومن الكسرةِ ياءٌ، ومن الضّمّةِ واوٌ.
حالاتُ الإشباعِ:
1- إشباعُ الحركةِ على آخر حرفٍ من البيتِ الشّعريّ (ويسمّى حرفُ الرَويّ) أو من الشّطرِ الأوّلِ في حالةِ التصريعِ (وسيجيء شرحهُ لاحقًا)
فانتبه، إذلا نُشبعُ حركاتِ أواخرِ الكلماتِ الأخرى في البيتِ الشِّعريِّ (ماعدا العروضِ والضّربِ).
أمثلةٌ:
إشباعُ الضّمّةِ لكلمةِ (جميلُ) فتلفظُ [جميلُو]@ (لا ننسَ شرط أن تكونَ الكلمةُ في آخرِ البيتِ أو الشطرِ)،
أو إشباعُ الكسرةِ لكلمةِ (جميلِ) فتلفظُ [جميلِي]@، أوإشباعُ الفتحةِ لكلمةِ (جميلَ)فتلفظُ [جميلا]@.
إذن نعتبر إشباعَ الحركةِ حرفًا ساكنًا آخرَ.
شواهدٌ:
قولُ المتنبّي: على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ .... وتأتي على قدرِ الكرامِ المكارمُ
لاحظْ إشباعَ الضّـمّةِ من كلمةِ (العزائمُ) في نهايةِ الشّطرِ الأولِ حيث تُلفظُ [عزائمُو]@، وتُكتبُ عروضيًّا هكذا [عزائمو]@.
ولاحظْ إشباعَ الضّـمّةِ من كلمةِ (المكارمُ) في نهايةِ البيتِ حيث تُلفظُ عروضيًّا [مكارمو]@، وتكتبُ عروضيًّا هكذا [مكارمو]@.
وفي قول أحمد شوقي: عادَت أَغاني العُرسِ رَجعَ نُواحِ وَنُعيتِ بَينَ مَعالِمِ الأَفراحِ
فقد أشبعتِ الكسرةُ على حرفِ الحاءِ من كلمتي نُواحِ وأفراحِ، ونلفظُهما [ نُواحِي ]@ و [ أفراحِي]@ على التّوالي،
ونكتبهما عروضيًّا هكذا [نُواحِي]@، [أفراحِي]@.
2- إشـباعُ حركةِ هاءِ الضَّميرِ الغائِبِ للمفرد المذكّر في نهايةِ الكلمةِ (في جميعِ مواقعها من البيتِ الشّعريّ)
مثلَ الهاءِ من كلمةِ ليلهُ في جملةِ (لَـيلُهُ طويلٌ) فتلفظ [ليلُهُو]@ (يُضافُ إلى الهاءِ الـمَضـمُومَةِ واوٌ، الّذي هُو ضَمَّةٌ مُشبَعةٌ)،
ومثلَ الهاءِ المكسورةِ من كلمة (كتابِهِ) في حالة الجرّ فتلفظ [كتابِهِي]@(يُضافُ أيضًا إلى الهاءِ الـمكسورةِ ياءٌ، التي هي كسرةٌ مُشبَعةٌ).
ولا تأتي هذه الهاءُ مفتوحةً أبدًا.
ويجبُ أن يتوفّرَ شرطانِ لإشباعِ هذه الهاءِ،
أوّلُ الشرطينِ أن يكون الحرفُ الذي قبلها متحركًا بإحدى الحركاتِ الثلاث (لاحظ كلمة ليلُهُ، اللّامُ قبل الهاءِ متحركةٌ بالضّمّة)،
وثاني الشرطينِ أن يكونَ الحرفُ الذي بعدها (أي بدايةَ الكلمةِ التاليةِ) متحركًا هو الآخرُ.
ففي جملةِ (ليلُهُ طَويلٌ)، يجبُ إشباعُ الهاءِ لأنّ اللامَ قبل الهاءِ مضمومةٌ والطّاءَ من كلمةِ (طويلٌ) مفتوحةٌ، فتُصبحُ ([ليلُهُو طَويلُنْ]@).
والآن لاحظِ الفرقَ في لفظِ الجملةِ التّـاليةِ عندما لا يتوفّر الشرطان: ليلُهُ الطَّويلُ، فتلفظ من دون إشباع ([ليلُهُطْ طَويلُ]@).
(لماذا؟) لأن الحرفَ الذي بعد الهاءِ هو الطّاءُ الساكنةُ.
مثالٌ آخرٌ على عدمِ جوازِ إشباعِ هذه الهاءِ: اسمعْ لفظَ هذه الجملةِ:
لهُ اقْـتدارٌ
فلنطبّقُ الشرطينِ، أوّلًا قبل الهاءِ حرفُ اللّامِ المفتوحِ، وبعد الهاءِ حرفُ القافِ السّاكنِ من كلمةِ اقْـتدارٌ (بعد حذفِ همزةِ الوصل طبعًا)،
إذن لا يوجد إشباعٌ هنا حسبَ القاعدةِ، وتلفظُ الجملةُ : ([لهُقْ تِدارُنْ]@).
كذلكَ لا يوجد إشباعٌ عندما يسبق ُ الهاءَ حرفُ ساكنٌ مثلَ: عليْهِ دينٌ
الياءُ هنا التي تسبِـقُ هاءَ الضميرِ ليست متحرّكةً (أي ساكنةً)، فلا إشباعَ وتلفظُ: ([عليهِ دينُنْ]@) وليس ([عليهِيْ دَينن]@).
وقد لا يلتزمُ الشّاعرُ بهذهِ القواعدَ، فقد تـتطلّبُ الضرورةُ الشعريّة كسرَ هذه القواعدِ، حينها يعتبرُ ذلكَ الشّعرُ قبيحًا ومن الأفضلِ مراعاةُ هذه القواعدَ فانتبه.
3- يمكنُ إشباعُ ضمّةِ ميمِ جمعِ الذّكورِ العقلاءِ المتحركةِ مثل (هُمُ، لهُمُ) فتلفظ [هُمُو]@، [لهمُو]@ على التوالي
(يُضافُ إلى الميم الـمَضـمُومَةِ واوٌ ساكنةٌ، الّذي هُوَ ضَمَّةٌ مُشبَعةٌ) أو مثلَ كتابُهمُ فتلفظُ [كتابُهمو]@.
ومن الممكنِ تسكينُ الميمِ حسبَ رغبةِ الشاعرِ ووزنِ البيتِ، فنلفظها همْ بدلًا من [همُو]@ وكتابكمْ بدلًا من [كتابكموُ]@،
فلك الخَيارُ في ذلك حسبَ ما يقتضيهُ الوزن الشّعريّ وهذا ممّا يجوز للشّاعرِ ولا يجوز لغيره ولا عيبَ في ذلك.
ولا يتمّ إشباعُ ميِم الجمعِ المتحرّكةِ إلاّ إذا أعقَبَها كلمةٌ مبدوءةٌ بـحرفٍ مُتحَرّكٍ (بِـالضّـمّة،أو الفتحةِ أو الكسرَةِ).
فلا إشباع في: دارُكمُ الواسعةُ لأن ما بعد الميمِ حرفَ ألفِ التّعريفِ السّاكنةِ، بعكسِ دارُكُمُ واسعةٌ
حيث يمكنُ إشباعُ الميمِ فنلفظُ الجملةَ ([دارُكمو واسعتنْ]@)،
وقد يبدُرُ إلى الذِهنِ سؤالٌ عن أحكامِ الحرفِ ما قبلِ الميمِ، أيجبُ تحريكهُ أم تسكينهُ؟
والجوابُ: إن الحرف الذي قبل ميمِ الجمعِ لا يأتي ساكنًا مطلقًا فلا نقول كتابكْمُ أو لَهْـمُ وإنما نقول كتابكُـمُ أو لهُمُ.
شواهد:
1- لَـيْـلُـهُمُ طَـوِيـلٌ، لاحِظ هنا أنّ بعدَ حرفِ الميم يوجدُ حرفُ الـطّاءِ من كلمةِ (طَوِيلٌ) المتحَرِّكةِ بالفَتحةِ، فتُلفَظُ الجُـملةُ ([لَـيْـلُـهُمُـوْ طَـوِيلُـنْ]@)
2- لَـيْـلُـهُمُ الْــمُـقْـمِـرُ، وهنا يوجدُ بعدَ حرفِ الميمِ حرفُ الـلاّمِ السّاكنُ من كلمةِ (الـمُـقْمِرُ)
فتُلفَظُ الجُـملةُ ([لَـيْـلُـهُــمُلْ مُـقْـمِـرُ]@) (عَدَمُ إشباعِ حرَكةِ الضّـمّةِ على الميمِ).