الباب الرابع – أوزان البحور الشعرية الدرس الأول – ألقابُ البيتِ الشعريّ
أسماءُ أجزاءِ البيتِ الشعريّ (تذكيرٌ):
ويتألف البيتُ الشعريُّ من شطرينِ متساويينِ وزنًا يُسمّى كلّ منهما مِصراعًا، ويُسمّى المصراعُ الأولُ صَدْرًا والثاني عَجُزًا. وتُسمّى التفعيلةُ (الجزءُ) الأخيرةُ من الشطرِ الأول ( الصَدر) عروضًا ،
وتُسمّى التفعيلةُ الأخيرةُ من الشطرِ الثاني (العَجُز) ضَرْبًا، وباقي تفاعيلِ البيت الشعريّ تُسمّى حَشْوًا، كما في الرسم الآتي لبيتٍ من أحد أضرب البحر الكامل:
الـــــــــــــصَّــــــــــدْر الــــــعَــــــــــــــجُــــز واحذَرْ قيادةَ واسطٍ هَرِمٍ أينَ الرِّياحُ تُميلُهُ حَمَدا [وَحْذَر قِيا دَةَ واسِطِنْ هَرِمِنْ أينَرْرِيا حُتَمِيلُهُو حَمَدا]@ [مستفعلن متفاعلن فعِلن مستفعلن متفاعلن فعِلن]! الحـَـــــــــشــــــــــو العَروض الحشـــــــــــــــــــو الضرب
بعضُ أسماءِ البيتِ الشعريّ:
البيتُ التام والبيتُ الوافي:
يقع الكثير من العروضيين في خطأ التفريق بين البيت التام والوافي (وفي كتب العروضيين الكبار المحدَثين).
البيتُ التامُّ والبيتُ الوافي: البيتُ التامُّ هو البيتُ الذي استوفى جميعَ أجزائهِ كما هي في دائرتِهِ، وكان حكمُ العللِ والزِّحافاتِ واحدًا في جميعِ هذه التفعيلاتِ،لا فرقَ في ذلكَ بينَ العروضِ والضربِ والحشوِ،
والمعنى أن البيت الشعريَّ الذي جاءت أجزاؤه كما هي في دائرتهِ (من جانب العدد) وأن الزحافاتِ والعللَ التي تدخل على الحشوِ هي ذاتُـها التي تدخل على العروضِ والضربِ،
سُمِّيَ ذلك بالبيتِ التامِّ، وإن اختلفتِ العللُ والزِّحافاتُ في حشوه عنها في عروضه أو ضربهِ سُمِّيَ بالبيتِ الوافي، وكثيرٌ من أهلِ العَروضِ لا يفرّقُ بين البيتِ التامِّ والبيتِ الوافي، إذ يعتبرونَ أن الفرقَ بينهما ليس بذي أهميّةٍ.
ولو تتبعنا أوزانَ البحورِ الشعريّةِ لوجدنا أن البيتَ التامَّ لا يوجدُ إلّا في الضربِ الأولِ من بحرِ الكاملِ والضربِ الأولِ من بحرِ الرَّجَزِ، وربما أضاف البعض البحرَ المتدارَك، ولكن البرنامج لا يشجّع النَّظم على هذا الوزن الذي لم يُجِزْهُ الفراهيدي (بالرغم من شرحنا له).
بحر الكامل: [متفاعلن متفاعلن (متفاعلن)............... متفاعلن متفاعلن (متفاعلن)]!
فهذا البيتُ تامٌّ لأن إمكانيةَ ما يُصيب التفاعيلَ في الحشو من زِحاف هي ذاتُها إمكانيةُ ما يصيب العروضَ والضرب من زحاف، وعندما لا يمكن ذلك، لا نقول عنه بيتًا تامًّا بل بيتًا وافيًا، وسنتوسّعُ في تبيان ذلك عند شرح بحر الكامل.
بحر الرجز: [مستفعلن مستفعلن (مستفعلن) ............ مستفعلن مستفعلن (مستفعلن)]!
فهذا البيت تام لأن إمكانية ما يُصيب التفاعيلَ في الحشو من زِحاف هي ذاتُها إمكانية ما يصيب العروض والضرب من زحاف، وعندما لا يمكن ذلك، لا نقول عنه بيتًا تامًّا بل بيتًا وافيًا، وسنتوسّعُ في تبيان ذلك عند شرح بحرالرَجَز.
البيتُ المجزوءُ: هو البيتُ الذي أُسقِطَ منه جزءان، واحدٌ من آخرِ صدرهِ، وثانٍ من آخرِ عَجُزِهِ، فإن كانت أجزاؤهُ ثمانيةٌ، أصبحت بالجَزْءِ ستةً، وإن كانت ستةً، صارت بالجَزْءِ أربعةً. وتنقسمُ البحورُ الشعريةُ بالنسبةِ للجَزْءِ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
1- بحورٌ يمتنعُ فيها الجزءُ، وهي ثلاثةٌ: الطويلُ، والسريعُ، والمنسرحُ.
2- بحورٌ يجبُ فيها الجَزْءُ، فلا تُستعمَلُ وافيةً أو تامةً (غيرَ مجزوءةٍ)، وهي خمسةٌ: المديدُ، والهَزَجُ، والمضارعُ، والمقتَضَبُ، والمجتثُّ.
3- بحورٌ يجوز فيها الجَزْءُ، فجاء منها الوافي والمجزوءُ على السَّواءِ، وهي ثمانيةٌ: البسيطُ، والوافرُ، والكاملُ، والرَّجَزُ، والرَّمَلُ، والخفيفُ، والمتقارِبُ، والمتدارَكُ.
البيتُ المَشْطورُ: هو الذي حُذِفَ شَطرُهُ، ويعتبرُ شطرُهُ الباقي بيتًا عَروضُهُ ضربُهُ (أي أن العروضَ هي الضربُ)، ولا يستعمَلُ من البحورِ مشطورًا إلّا بحرُ الرَّجَزِ، وبحرُ السريعِ (راجعهُما لاحقًا).
البيتُ المَـنْهوكُ: هو الذي أصابهُ الـنَّـهْكُ أي الذي أُسقطَ ثلثا أجزائهِ، فيبقى جزءانِ، الثاني منهما هو العَروضُ والضربُ معًا. ولا يكون إلّا في بحرِ الرَّجَزِ، وبحرِ المنسرحِ (راجعهما لاحقًا).
البيتُ السّالمُ: هو البيتُ الذي سلمَ من الزِّحافاتِ والعللِ مع جوازِ دخولِها عليه.
البيتُ الصحيحُ: هو البيتُ الذي خلا من العلّةِ مع جوازها فيهِ.
البيت المُصَرَّع والبيت المقفّى
التَّصريعُ: هو أن يجعلَ الشاعرُ العَروضَ والضربَ متماثلَينِ في الوزنِ والرَّويِّ في البيتِ المصرَّعِ ( الرويُّ هو الحرفُ الأخيرُ المنطوقُ بهِ في القافيةِ وسيأتي شرحُ ذلكَ في بابِ القافيةِ)، على أن تكون عَروضُ البيتِ فيه تابعةً لضربهِ ، تنقُصُ بنَقصهِ وتزدادُ بزيادتهِ،
أي أن الضربَ هو الذي يحدِّدُ زيادةَ أو نقصانَ العروضِ. واعتاد أغلبُ الشعراءِ أن يصرِّعوا البيتَ الأولَ من القصيدةِ،
مثال: الضربُ الأولُ من بحرِ الطويلِ هو: [فَعُولُنْ مَفاعِيلُن فَعولُنْ مَفاعِلنْ فَعولُنْ مَفاعِـيلُن فَعولُنْ مفاعِيلنْ]!
فالتصريعُ هنا أن نحوّلَ العروضَ مفاعلُنْ إلى ما يماثلُ تفعيلةَ الضربِ وهي مفاعيلن، وهذا في البيتِ الأولِ من القصيدةِ، وقد يصرِّعُ الشاعرُ أكثرَ من بيتٍ في القصيدةِ.
وجاءَ في المعجمِ المفصّلِ للدكتور أميل بديع يعقوب مثالٌ على الضربِ الأولِ من البحرِ الطويلِ:
"قِفا نَبكِ من ذكرى حبيبٍ وعِرفانِ ..........ورسمٍ عَفت آياتُهُ منذُ أزمانِ، فالعروضُ (وَعِرفانِ) على وزنِ مفاعيلنْ مثلُ الضربِ (ذُأزمانِ) في الوزنِ والرويِّ، والأصل فيها أن تكون العروضُ على وزنِ [(مفاعلنْ)]!،
فزاد الشاعرُ حرفًا ساكنًا فيها لتوافقَ الضربَ، والحرفُ الزائدُ كما هو واضحٌ هو حرفُ الألفِ من العروضِ (وعرفانِ).
أما المقفّى فهو البيتُ الذي وافقت عروضُهُ ضربَهُ في الوزنِ والقافيةِ من دون تغييرٍ لعروضِهِ بزيادة أو نقصان. ومثاله قول المتنبِّي ( من بحر البسيط):
حتَّامَ نحنُ نساري النجمَ في الظُّلَمِ....... وما سُراهُ على خُفٍّ ولا قَدَمِ [حتْتامَ نَح نُ نُسا رنْ نَجمَفِظ ظُلَمِي .......... وما سرا هُعَلى خُفْفِنْ ولا قَدَمِي]@ [مستفعلن فَعِلُن مستفعِلُن فَعلُنْ ............مفاعِلُن فعِلُنْ مستفعلن فعِلُنْ]! [/0/0//0 ///0 /0/0//0 ///0 ...... //0//0 ///0 /0/0//0 ///0]#
فالعروض (فَعِلن) ثابتة كما في وزنها الأصلي ولم تتغير لتوافق الضرب الذي يماثلها أصلًا، وشابهت الضربَ في الرَوِيّ وهو حرف الميمِ هنا مع تماثل حركة الكسرة ( مِي) في العروض والضرب.
أما بقية ألقاب البيت الشعري والتي لها علاقة بالقافية، فسيأتي شرحُها في الدروس اللاحقة.