البابُ الرابعُ - أوزانُ البحورِ الشعرية الدرس الثالث عشرَ - البحرُ المضارعُ
وزنُ البحرِ المُضارعِ كما جاء في دائرتِهِ (نظريًا وغيرَ مستعمَلٍ) هو: [مَفاعِيْلُنْ فاعِ لاتُنْ مَفاعِيْلُنْ مَفاعِيْلُنْ فاعِ لاتُنْ مَفاعيْلُنْ]!
ولا يستعمَلُ إلا مجزوءًا: [مَفاعيْلُنْ فاعِ لاتُنْ مَفاعيْلُنْ فاعِ لاتُنْ]!
وقد أنكرَ الأخفشُ هذا البحرَ كما أنكرَ بحرَ المقتضبِ، وأكّدَ عدمَ ورودِهِما عن العربِ.
يقول الدكتور إبراهيم أنيس في هذا الأمرِ:
"وقد استعرضتُ جميعَ ما رُوِيَ في الأغاني (كتاب الأغاني المشهور للأصفهاني) لعلِّي أظفِرُ بأمثلةٍ لهذينِ الوزنينِ (المُضارعِ والمٌقتَضَبِ) فلم أجد لهما ذكرًا،
إلّا في مقطوعتينِ قصيرتينِ.[]* ولقد حاول الزجّاجُ أن يؤيّدَ كلامَ الخليلِ في شأن هذينِ الوزنينِ فقال: لقد ورد في الشعرِ منهما البيتُ أو البيتانِ،
ولا توجدُ منهما قصيدةٌ لعربيٍّ. وكلامُ الزجّاجِ حجّةٌ للأخفشِ فليس يكفي ورودُ بيتٍ أو بيتينِ حتى يُعَدَّ الوزنُ مما تستسيغُهُ الأذُنُ وترتاحُ إليه كنسجٍ للشعرِ."(انتهى)[]*
ولذلك لا ننصحُ الطالبَ بمحاولة نظمِ الشعرِ على هذا الوزنِ.
لِبحرِ المضارعِ عروضٌ واحدةٌ مجزوءةٌ صحيحةٌ [(فاعِ لاتُنْ)]! ولها ضربٌ واحدٌ مثلُها، ولكنْ لا تأتي [(مفاعيلُن)]! سالمةً من خبنِ خامسها أو سابعِها،
وبذلك ابتعد الوزنُ عن دائرتهِ كثيرًا فبعدَ جَزئِهِ وجوبًا، تَمَّ خبنِ الخامسِ أو السابعِ وجوبًا (راجع موضوع المراقبةِ في البابِ الثالثِ)،
وفي الواقعِ الشعريِّ (رُغمَ الشكوكِ بوجودِ هذا البحرِ أصلًا) يكون وزنُ البحرِ كالتالي: [مَفاعيْلُ ( أو مفاعِلُنْ) فاعِ لاتُنْ مَفاعيْلُ ( أو مفاعِلُنْ) فاعِ لاتُنْ]!
كقولِ سعيدِ بنِ وَهَبٍ (كان صديقًا لأبي العتاهيةِ)
قِفوا فاربَعوا قليلًا فَلم يربَعوا وساروا [قِفُوْفَرْبَ عُوْقَلِيْلَنْ فَلَمْ يَرْبَ عُوْ وَسارُوْ]@ [مَفاعيْلُ فاعِ لاتُنْ مَفاعيْلُ فاعِ لاتُنْ]!
الزِّحافاتُ في العروضِ والضربِ: يجوزُ خبنُ السابعِ من العروضِ المجزوءةِ الصحيحة فتصبحُ [(فاعِلاتُ)]!، ولا يجوزُ ذلكَ في الضربِ تحاشيًا للوقوفِ على حركةٍ قصيرةٍ.
أما الزِحافاتُ في الحشوِ فكما مرّ سابقًا، وجوبُ خبنِ الخامسِ [(مفا عِلُنْ)]! أو السابعِ [(مفاعيلُ)]!.
ومن شواذِ الحشوِ مجيئُ (مفاعيلُنْ) سالمةً من أي خبنٍ[]*، وكذلك دخولُ الخرمِ على الجزءِ في بدايةِ الشطرِ الأولِ، وكلُّ ذلك من كريهِ الوزنِ وقبيحهِ.