البابُ الرابعُ – أوزانُ البحورِ الشعريةِ الدرسُ الرابعُ – البحرُ البسيطُ
وزنُ البحرِ البسيطِ كما جاء في دائرتِهِ (نظريًا وغيرَ مستعمَلٍ) هو: [مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ]!
وللمستعملِ منهُ ثلاثُ أعاريضَ، وستةُ أضربٍ موزّعةً على أعاريضهِ، فالعَروضُ الأولى [(فَعِلُنْ)]! مخبونةُ الثاني وجوبًا ولها ضربانِ:
الأولُ مخبونُ الثاني وجوبًا مثلُها [(فَعِلُنْ)]!: [مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فعِلُنْ]!
مثالٌ: كقولِ عُمرَ بنِ الفارضِ ( المتوفّى سنة632هـ):
وَلْيَصنَعِ الرَّكبُ ما شاءُوا لِأَنفُسِهِمْ همُ أَهلُ بَدرٍ فَلا يَخشَوْنَ مِن حَرَجِ
والثاني مقطوعٌ [(فَعْلُنْ)]! (راجع موضوعَ العللِ) ويلزِمهُ الرِّدفُ: [مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فعْلُنْ]!
مثالٌ: كقولِ ابنِ زيدون:
لا تَحسَبُوا نَأيَكُم عَنّا يُغَيِّرُنا أن طالَما غَيَّرَ النَأيُ المُحِبِّينا
العَروضُ الثانيةُ مجزوءةٌ صحيحةٌ [(مُستَفعِلُنْ)]! ولها ثلاثةُ أضربٍ، ويكادُ أن يُجمِعَ العروضيّون على نُدرةِ قصائدِ هذا الوزنِ في الشعرِ القديمِ،
فمثّلوا لكلِّ وزنٍ من هذه الأضربِ الثلاثةِ ببيتٍ منفردٍ لا يُعرَفُ قائِلُهُ ولا القصيدةُ التي اقتُبِسَ منها عدا قصيدةٍ من ضربِها الثالثِ للمرقَّشِ الأصغرِ[]*.
ضربُها الأولُ مجزوءٌ مُذالٌ [(مُستَفعِلانْ)]! ( راجع عللَ الزيادةِ) وترتيبهُ الضربُ الثالثُ من البحرِ ويلزِمُهُ الرِّدفُ: [مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلانْ]!
مثالٌ: كقولِ ابنِ عبدِ ربِّهِ (المُتَوَفّى سنةَ 328 هـ):
يا صاحِ قَد أَخلَفَت أَسماءُ ما كانَت تُمَنِّـيكَ مِن حُسنِ الوِصالْ
وضربُها الثاني مجزوءٌ صحيحٌ مثلُها [(مُستَفعِلُنْ)]!، وترتيبُهُ الضربُ الرابعُ من البحرِ: [مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُسْتَـفعِلُنْ]!
مثالٌ: كقولِ أحدِ الشعراءِ:
ماذا وُقُوفِي عَلى رَبعٍ عَفا مُخلَولِقٍ دارِسٍ مُسْتَـعجِمِ
وضربُها الثالثُ مجزوءٌ مقطوعٌ [(مَفْعُوْلُنْ)]! ( راجع القطعَ في درسِ العِلَلِ) وترتيبُهُ الخامسُ من البحرِ: [مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مَفْعُولُنْ]!
مثالٌ: كقولِ الشاعرِ الجزائريِّ موسى الأحمدي نويوات:
يا غادةً ما لها من مُشبِهٍ في الحُسنِ رِفقًا بِمن يهواكِ
والعروضُ الثالثةُ مجزوءةٌ مقطوعةٌ [(مَفْعُولُنْ)]! ولها ضربٌ واحدٌ مجزوءٌ مقطوعٌ مثلُها [(مَفْعُولُنْ)]! وترتيبُهُ السادسُ من البحرِ: [مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مَفْعُولُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مَفْعُولُنْ]!
مثال: ما هَيَّجَ القلبَ مِن أطلالٍ أضحَتْ قِفارًا كَوحْيِ الواحِي
ولِحُسْنِ خبنِ الثاني من هذه العروضِ وضربِها ([مَعُولُنْ]! والتي تساوي [فَعولُنْ]!) التَزَمَهُ المولَّدونَ من بابِ التزامِ ما لا يُلزَمُ (راجع ذلك في البابِ الثالثِ)
مع أنه زِحافٌ ولكنّهم أجْرَوْهُ مَجرى العلّةِ في اللزومِ. وسَمَّوْا هذهِ العروضَ والضربَ مخلَّعَ البسيطِ ووزنهُ كما يلي:
[مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ فعُولُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ فَعُولُنْ]!
كقولِ الشاعرِ:
أصبَحتُ والشَّيبُ قَد عَلانِي أدعُو حَثِيثًا إلى الخِضابِ
الأوزانُ الشاذةُ لبحرِ البسيطِ:
1- مجيءُ عروضِ وضربِ البسيطِ الوافي صحيحان [(فاعِلُنْ)]! فالأصل أن يكونا مخبونَي الثاني [(فَعِلُنْ)]![]*.
[مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ]!
2- أضافوا للعروضِ الأولى [(فَعِلُنْ)]! ضربًا ثالثًا على وزن [(فالْ)]! كأنّهُ أحذٌّ مُذالٌ[]*.
3- مشطورُ البسيطِ: [مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ مُستَفعِلُنْ فاعِلُنْ]! ولأحمد شوقي قصيدةٌ على هذا الوزنِ[]*.
4- أجازَ بعضُ العروضيينَ أن يجيءَ ضربُ المخلَّعِ على وزن [(مَفْعُولُنْ)]! دون خبنِ ثانِيهِ، فيكون مجزوءًا مقطوعًا[]*.
5- أجازَ بعضُ العروضيينَ أن تجيءَ عروضُ المخلَّعِ مقطوعةً مخبونةَ الثاني مقصورةً [(فَعُولْ)]! وتمثّلوا بالبيتِ التالي: يداهُ بالخيرِ ضُرَّتانْ عليهِ كلتاهما تَغارُ []*
ولكني وجدتُ هذا البيتَ من قصيدةٍ لعليّ بن الجَهْمِ في كتابِ البدايةِ والنهايةِ[]* مرويًّا بلفظٍ آخرَ:
كما زاد بعضُهم للبسيطِ عروضًا مجزوءةً حذّاءَ مخبونةَ الثاني (راجع الحذَذَ في العلل)[(فَعَلْ)]!، وجميعُ هذه الأحوالِ والأوزانِ من الشاذِ المكروهِ،
ولقد أوردتُ هنا جميعَ الشواذ لحاجتنا إليها حينَ يحاول الطالبُ الكشفَ عن محاولاتهِ الشعريّةِ فتأتي الإجابةُ شافيةً وافيةً فيبتعد عنها.
الزِّحافاتُ الحسَنةُ في الأعاريضِ والأضربِ:
العروضُ الأولى المخبونةُ الثاني [(فَعِلُنْ)]! ثابتةٌ في كلِّ أبياتِ القصيدةِ ولا تتغيرُ إلّا في حالةِ التصريعِ مع الضربِ الثاني [(فَعْلُنْ)]!.
ضربُها الأول والثاني ثابتٌ في كلِّ أبياتِ القصيدةِ.
العروضُ الثانيةُ المجزوءةُ [(مُسْتَفعلُن)]! ثابتةٌ ولا تتغيرُ إلّا في حالاتِ التصريعِ مع أضربِها الثلاث.
أما العروضُ الثالثةُ المجزوءةُ المقطوعةُ [(مَفْعُولُنْ)]! وضربُها المماثل لها فيدخلُهما خبنُ الثاني فيُصبحانِ [فَعولُنْ]! ويسمّى هذا الوزنُ بمُخلَّعِ البسيطِ.
الزّحافاتُ المقبولةُ أو المُستحْسنةُ في الحشو:
خبنُ ثاني [(مستفعلن)]! مُستَحسَنٌ في بدايةِ الشطرِ الأولِ أو الثاني فتُصبحُ [(مُتَفْعِلُن)]! التي تعادلُ [(مَفاعِلُنْ)]!، ففي قصيدةِ المتنبّي التي منها البيتُ المشهورُ:
وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظرِهِ إذا اسْتوَت عِندهُ الأنوارُ والظُلَمُ
أبياتها ثمانيةٌ وثلاثون بيتًا جاءت [(مستَفعِلُنْ)]! الواقعةُ حشوًا سالمةً من خبنِ الثاني في جميعِ أبياتِها بخلافِ [(مستَفعِلُنْ)]! في أولِ الصدرِ والعَجُزِ.
فإنّ خبنَ الثاني دخلَ في أربعينَ تفعيلةٍ منها أي 58%،
خبنُ ثاني [(فاعِلن)]! فتُصبحُ [(فَعِلُن)]! بحُسنٍ.
الزِّحافاتُ المكروهةُ في الأعاريضِ والأضرُبِ:
العروضُ الثانيةُ المجزوءةُ وضربُها الثاني الذي يماثلها (أي الرابعُ في الترتيبِ) [(مُسْتَفْعِلُنْ)]!:
خَبنُ ثاني [(مُسْتَفْعِلُنْ)]! الثاني فيُصبحانِ [(مُتَفْعِلُن) التي تعادلُ [(مَفاعِلُنْ)]!، خبنُ رابعِ [(مُسْتَفْعِلُنْ)]! أيِ الطَيُّ فيُصبحانِ [(مُفْتَعِلُنْ)]!.
أما ضربها الأولُ [(مُسْتَفعِلانْ)]! ( أي الثالثُ في الترتيبِ):
جوّزوا خبنَ ثانيهِ فيُصبحُ [(مُتَفْعِلانْ)]! التي تعادلُ [(مَفاعِلانْ)]! وخبنَ رابعهِ فيُصبحُ [(مُفْتَعِلان)]! وكلّ ذلك قبيحٌ، بل زادوا دخولَ الخبلِ عليهِ [(فَعِلَتان)]! (راجعِ الزِّحافَ المركّبَ).
ولكنهم جوّزوا خبنَ ثاني ضربِها الثالثِ [(مفْعُولُنْ)]! فقط (أي الضربِ الخامسِ) فيُصبحُ [(فَعولُنْ)]!.
العروضُ الثالثةُ المجزوءةُ المقطوعةُ [(مفْعولُنْ)]!:
أجازوا خبنَ ثانيها [(فعولُنْ)]! مع الإبقاءِ على الضربِ دونَ خبنِ ثانيهِ وهذا من الشاذ.
الزّحافاتُ المكروهةُ في الحشوِ:
خَبنُ ثاني [(مُسْتَفْعِلُنْ)]! فتُصبحُ [(مُتَفْعِلُن)]! التي تعادلُ [(مَفاعِلُنْ)]! قبلَ العروضِ الأولى وقبلَ الضربِ الأولِ والثاني أي الجزءُ الثالثُ من كل شطرٍ.
خبنُ رابعِ [(مُسْتَفْعِلُنْ)]! أيِ الطَيُّ فتُصبحُ [(مُسْتَعِلُنْ)]! التي تعادلُ [(مُفْتَعِلُنْ)]! قبلَ العروضِ الأولى وقبلَ الضربِ الأولِ والثاني أي الجزءُ الثالثُ من كل شطرٍ.
خبنُ ثاني ورابعِ [(مُسْـتَفْعِلُنْ)]! وهو زِحافٌ مُركّبٌ [(الخبلُ)]! فتُصبحُ [(مُتَعِلُنْ)]! التي تعادلُ [(فَعِلَتُنْ)]! وهو قبيحٌ لتوالِي أربعِ حركاتٍ.
من الصورِ المقبولةِ لأوزانِ بحرِ البسيطِ:
من الضربِ الأولِ
من الضربِ الثاني
من الضربِ الثالثِ
من الضربِ الخامسِ
من الضربِ السادسِ
من مخلَّعِ البسيطِ
من الصورِ الكريهةِ لأوزانِ بحرِ البسيطِ:
مجيءُ عروضِ وضربِ البسيطِ الوافي صحيحان [(فاعِلُنْ)]!
من الضربِ الأولِ
من الضربِ الثاني
من الضربِ الثالثِ
من الضربِ الخامسِ
من الضربِ السادسِ
من مخلَّعِ البسيطِ