البابُ الرابعُ – أوزانُ البحورِ الشعريّةِ الدرسُ الثالثُ - البحرُ المديدُ
البحرُ المديدُ
جاءَ في كتابِ موسيقى الشعرِ للدكتور إبراهيم أنيس أن الشعراءَ القدماءَ أهملوا النظمَ من هذا البحرِ،
ونرى الضربَ الخامسَ والسادسَ أكثر شيوعًا في شعرِ المتأخرينَ على ندرتهِ ومنهم حافظ والعقاد والجارم []*
وزنُ البحرِ المديدِ كما جاء في دائرتِهِ ( نظريًا وغيرَ مستعمَلٍ) هو:
[فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلاتُنْ فاعِلنْ]!
وهوَ والطويلُ والبسيطُ من دائرةٍ واحدةٍ[]*.
والمستعملُ منه مجزوءٌ وجوبًا (أي الذي أُسقِطَ منه جزآن، واحدٌ من آخرِ صدرهِ، وثانٍ من آخرِ عَجُزِهِ)،
ولهُ ثلاثُ أعاريضَ وستةُ أضربٍ موزعةً على أعاريضهِ، وإنّ ثلاثةَ أضربٍ منها نادرة[]*(وهي الضربُ الثاني والثالثُ والرابعُ).
فالعروضُ الأولى صحيحةٌ مجزوءةٌ [(فاعِلاتُن)]! ولها ضربٌ واحدٌ صحيحٌ مثلُها [(فاعِلاتُن)]! وهو الضربُ الأولُ:
[فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلاتُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلاتُنْ]!
مثالٌ: لا أَذوقُ النَّومَ إِلّا غِرارًا مِثلَ حَسوِ الطّيرِ ماءَ الثِّمادِ
العروضُ الثانيةُ [فاعلُن]! (محذوفةٌ حسَبَ أهلِ العروضِ) ولها ثلاثةُ أضربٍ:
الأولُ مقصورٌ [فاعلان]! (حذفُ آخرِ السببِ المجموعِ من فاعلاتن وإسكانُ ما قبلَ آخرهِ أي التاء فتُصبحُ [فاعلاتْ]! التي تساوي [فاعلانْ]!)
وترتيبهُ الضربُ الثاني.
والنظمُ من هذا الضربِ نادرٌ، ويُلزِمُهُ الرِّدفُ وذلكَ جعلُ ما قبلَ الرويِّ حرفَ لينٍ (راجع ذلك في باب القافية)،
وأجازَ الأخفشُ الخبنَ في هذا الضربِ ومَنَعهُ الخليلُ[]*. [فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلانْ]!
مثالٌ: قولُ الطِرِمّاح[]* حبَّ بالزَّورِ الذي لا يُرى منهُ إِلّا صَفحَةٌ عَن لِمامْ
لاحظ حرف الألفِ الذي يسبقُ حرفَ الروِيِّ (الميمِ) حيث يتّضِحُ معنى الرِّدفِ.
والثاني محذوفٌ [(فاعِلُنْ)]! مثلُها (الحذفُ هو إسقاطُ السببِ المجموعِ في آخرِ الجزءِ حسَبَ مصطلحِ أهلِ العروضِ)،
وترتيبهُ الضربُ الثالثُ، والنظمُ من هذا الضربِ نادرٌ. فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلُنْ
مثالٌ: قولُ الشاعرِ الجزائريِّ موسى الأحمدي نُوِيْوات[]* للمَعالِي يا شَبابَ الفِدا للمَعالِي يا نُجُومَ الهُدى
والثالثُ أبترٌ [(فَعْلُنْ)]! (راجع معناها في العللِ) وترتيبهُ الرابعُ: [فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فاعِلُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فَعْلُنْ]!
مثالٌ: إِنّما الذَّلفاءُ ياقُوتةٌ أُخرِجَت مِن كِيسِ دَهقانِ
إنَّ بعضَ العروضيينَ يشكُّ بوجودِ الأضربِ الثلاثةِ (الثاني والثالث والرابع) والتي عروضُها [(فاعِلُنْ)]!،
"يقول د. إبراهيم أنيس: ذكرَ أهلُ العروضِ ثلاثةَ أنواعٍ أخرى لقصائدِ المديدِ لم نعثر على أمثلةٍ لها في الدواوينِ التي رجعنا إليها،
لهذا نُؤثرُ ألّا نعرِضَ لها هنا بخيرٍ أو شرٍّ[]*، ومن الأفضلِ للطالبِ تركُها وإهمالُها في بدايةِ تعلّمِهِ.
العروضُ الثالثةُ محذوفةٌ مخبونةُ الثاني [(فَعِلُنْ)]!،
فبالحذفِ أي حذفِ السببِ المجموعِ في آخرِ فاعلاتُنْ فأصبحت (فاعِلا) وبخبنِ الثاني أصبحت (فَعِلا) أو فَعِلُن، ولها ضربانِ:
الأولُ مثلها، وهو في الترتيبِ الضربُ الخامسُ: [فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فَعِلُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلنْ فَعِلنْ]! .
مثالٌ: قولُ حافظ إبراهيم: ما لِهذا النَّجمِ فِي السَّحَرِ قد سَها مِن شِدَّةِ السَّهَرِ
والثاني أبترٌ [(فَعْلُنْ)]!( راجع موضوعَ العللِ) وهو مجموعُ الحذفِ (حذفُ السببِ المجموعِ في آخرِ الجزءِ) فتصبحُ [(فاعلا)]! من الأصلِ [فاعِلاتُنْ]!
والقطعُ هو حذفُ آخرِ الوتدِ المجموعِ وإسكانُ ما قبلَهُ فتصيرُ [(فاعِلْ)]! التي تماثلُ [فَعْلُنْ]!، وهو الضربُ السادسُ في الترتيبِ.
مثالٌ: قولُ ابنِ المعتز: خَضَّبَتْ رَأسِي فَقُلتُ لَها أَخضِبِي قَلبِي فَقَد شابا
زِحافاتُ البحرِ المديدِ:
1- تغييراتُ العروضِ والأضربِ
يدخلُ خبنُ الثاني على العروضِ الأولى والضربِ الأولِ [فاعلاتُن]! باستحسانٍ فتصبحُ [فَعِلاتُن]!.
تبقى العروضُ الثانيةُ ثابتةً على حالها [فاعلُن]! عدا حالتَي التصريعِ مع الضربِ الثاني فتُصبحُ [فَاعِلانْ]! والضربِ الثالثِ فتُصبحُ [فَعْلُنْ]!.
تبقى العروضُ الثالثةُ ثابتةً على حالها عدا حالةِ التصريعِ مع الضربِ السادسِ فتصبحُ [فَعْلُنْ]!.
تغييراتُ الحشوِ
تغييراتُ [فاعِلاتنُ]!: يدخل خبنُ الثاني بحُسنٍ فتُصبحُ [(فَعِلاتُنْ)]!.
تغييراتُ [فاعِلن]!:يدخلُ خبنُ الثاني على [فاعِلُن]! بحُسنٍ فتُصبحُ [(فَعِلُنْ)]!.
التغييراتُ المكروهةُ: أجازَ بعضُ العروضيّينَ (سامحهمُ اللهُ) []*خبنَ سابعِ العروضِ الأولى [فاعلاتن]! (الكفَّ برأي العروضيينَ) فتُصبحُ [فاعلاتُ]!،
كما أجازوا الشكلَ وهو زِحافٌ مركّبٌ ويعادل خبنَ الثاني والسابعِ فتُصبحُ [فَعِلاتُ]!، وهذه الإجازةُ قبيحةٌ وتُخرجُ الإيقاعَ الشعريَّ من موسيقاهُ،
وأجازَ الأخفشُ خبنَ ثاني الضربِ الثاني [(فاعِلانْ)]! فتُصبحُ [(فَعِلانْ)]! ولم يقبلْهُ الخليلُ، كما أجازوا هذينِ الزِّحافَينِ ( الكفَّ والشكلَ) في الحشوِ،
ولا بدَّ من المعاقبةِ في ذلك (راجع موضوعَ المعاقبةِ في البابِ الثالثِ).
الصورُ المقبولةُ لأجزاءِ بحرِ المديدِ:
الصورُ المستهجنةُ لأجزاءِ بحرِ المديدِ: